
شيماء لطيف القطراني
إن أهم ما يميز الشخص المتزن عاطفياً هي نظرته الإيجابية إلى جميع الأمور المحيطة به والتي يعيشها ، على عكس الشخص الغضوب تماماً ، والذي غالباً ما تسيطر عليه المشاعر السلبية ، وأكثر الأوقات نجده يائساً، ومتشائماً، ويتذمر، ويشتكي ، لذلك حاول أن تنظر دائماً إلى الجانب المشرق في حياتك ، واذكر النعم التي منَّ الله بها عليك ، ولا تسمح لليأس والقنوط أن يسيطرا عليك .
ليس من الضروري أن تبقى مشاعرك هي المسيطرة عليك على الدوام ، يمكنك أن تصبح أكثر وعياً بأنماط شعورك ، ومن ثم استعادة السيطرة عليها ، بدلاً من أن تبقى ضحية لها ، قد يكون شعورك بالغضب من موقف ما ، مجرد قناع لإخفاء إحراجك أو حزنك ، لذا احرص دوماً على فهم السبب الحقيقي لشعورك بالحزن ، ليس من الضروري أن تخبر أحداً بحقيقة مشاعرك ، ولكن من المهم للغاية أن تصارح نفسك بما تشعر حقاً ، أعد صياغة أفكارك ، تختلف ردة فعلك حيال موقف ما بناء على ما تشعر به في تلك اللحظة ، لذا راقب أفكارك ، واربطها بما تشعر به ، في كل مرة تخطر لك فيها فكرة سلبية أو محبطة ، اسأل نفسك ، ما الذي سأقوله لصديقي المقرب إن رأيته يفكر على هذا النحو؟ الإجابة عن هذا السؤال ستعيد إليك نظرتك الواقعية والحقيقية للأمور، في كل مرة تشعر فيها بأن مشاعرك المحبطة تسيطر عليك ، تذكر ما تفعله حينما تكون سعيداً وجرب القيام بإحدى تلك الأمور ، كأن تتصل بصديق مقرب أو تقوم بنزهة قصيرة أو ممارسة الرياضة أو غير ذلك.
اعتني بنفسك ان لم تكن تحب نفسك ، وتعتني بها كما تعتني بأي من اصدقائك وأفراد عائلتك ، فلن تتمكن من الحصول على الحب الآخرين ، لأن صورتنا أمام الغير ليست سوى انعكاساً لما نرى انفسنا عليه ، اكتب قائمة الأمور التي ترغب في الحصول عليها من شريك حياتك الحالي أو المستقبلي أو صديقك المقرب أو من احد أفراد عائلتك سواء كانت هذه هدايا أو تذكارات أو رسائل أو معنوية ( مشاعر عطف أو كلمات لطيفة ) ثم قدّم لنفسك شيئاً منها كل أسبوع، لتعزز حبك لذاتك.
ويعد قضاء بعض الوقت يومياً في ممارسة الامتنان طريقة مفيدة للتغلب على المشاعر السلبية ، حيث تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يمارسون أنشطة الامتنان والشكر بانتظام لديهم نظرة أكثر تفاؤلاً ومرونة ، لذلك يكون لديهم طرق للتعامل مع المواقف الصعبة ، ومن خلال الامتنان يمكن التركيز على الجوانب الإيجابية التي تعزز من الشعور بالتوازن ، كما أن مشاعر الامتنان الحقيقية لها القدرة على التحسين من الحالة العاطفية وتساعد على الوصول للتوازن العاطفي.
من المهم عدم توقع الكمال أو المثالية والعشم أو التعلق الزائد في الأشخاص فالتوازن يقتضي تقبل ألا نحصل على كل ما نتوقعه من الآخرين أو نتمناه والحذر من التعمق السلبي في بعض العلاقات وخاصة تلك العلاقات السامة التي تستنزف مشاعر الإنسان وتؤثر نفسيته وتوازنه في الحياة .
إن الهدف من التحكم العاطفي، تحقيق التوازن وليس قمع العاطفة، لأن لكل شعور قيمته ودلالته، فالحياة من دون عاطفة تصبح قاحلة ومملة عندما يكبت الانفعال تماماً ، فإن ذلك يؤدي إلى الفتور والعزلة ، وعندما يخرج عن إطار السيطرة ، يصبح بالغ التطرف، ويتحول إلى حالة مرضية تحتاج إلى العلاج، لذلك فهدفنا دائماً يجب أن يكون التواجد في المنتصف ، أي في امتلاك المشاعر الصحيحة ، ومفتاح السعادة العاطفية ،يكمن في ضبط انفعالاتنا المزعجة بصورة دائمة.
تعايش مع نواقصك وتقبلها أن تقبلك لشخصك وذاتك كما أنت من أهم الأمور التي تجعلك متوازناً عاطفياً، فلا تحاول إصلاح كل النواقص التي تمتلكها ؛ حيث يمكنك التركيز على الأمور والأشياء الأكثر أهمية في حياتك كلما تقبلت فكرة أنك كافٍ كما أنت، وكلما ركزت على الإيجابيات التي تتمتع بها ، ذكر نفسك دائماً بأنه لا يوجد أحد كامل في هذه الحياة .
يمثل العقل البشري مركز التوازن والسيطرة على الجهاز العصبي المسؤول عن الانفعالات، والدوافع ، والحوافز التي تعكس بصورة سلوكيات عاطفية سواء كانت سلوكيات خير ،أم شر، سلوكيات عدوانية أم محبة ، وغيرها من تلك التي يقوم بها البشر، فالعقل هو مركز التفكير عند الإنسان ولا يمكن للإنسان أن يستمر في حياته دون وجود مسيطر على أفعاله، وفي الوقت ذاته لا يمكننا إهمال العاطفة كونها أساساً في إحساس ما يدور من حولنا من علاقات ، ومواقف وتعبيرات، وغيرها ، لذا يجب أن يتحكم العقل بالعاطفة ولا يقصد أن يلغي العاطفة حتى في عملية اتخاذ القرارات المصيرية ، لكن وظيفة العقل هي موازنة هذه العاطفة وكيفية عرضها في المواقف والعلاقات الاجتماعية بصورة عقلانية ومقبولة من قبل المجتمع تبعاً لعادات كل مجتمع وقوانينه ،هذا هو التوازن المطلوب بين العقل والعاطفة ، لكن في حال كانت العاطفة هي المسيطرة وهي التي تقود الإنسان ،عندها سيكون أسيراً لرغباته غير مبالٍ بمعايير التحليل المنطقي في اتخاذ القرارات، كما يصبح أكثر عرضةً للابتزاز العاطفي ، حيث يمكن للطرف الآخر ابتزازه بسهولة واستغلاله باسم الحب والعواطف الجياشة ، الأمر الذي يسبب فقدانه لشخصيّته المستقلة وتقديم تضحيات كبيرة في سبيل الحصول على رضا الطرف الآخر.
سامح نفسك على اخطاء الماضي ولا تقضي وقتك في لوم نفسك على ما فات ، تطوع لدعم قضية تهتم بها ،اكتب يومياتك بشكل منتظم ، خذ إجازة من عملك واقضي يوماً مع نفسك ، باختصار افعل كل ما يشعرك بالسعادة مع الحرص على عدم إيذاء الآخرين .