آلاء نجم : انا شخص يحب الفرح بطبيعتي
آلاء نجم : سمعة الممثلة العراقية ابداعياً والتزاماً متفوقة في العالم العربي
حاورها : أحمد طه حاجو

هي من جيل الإبداع الحقيقي ، عندما تكون على خشبة المسرح تحلق كطائر في السماء وتأخذ المتلقي معها عبر رشاقة حركتها وأدائها الأخاذ ، فهي تترجم أحاسيسها عبر ايماءاتها الواعية فتؤثر بعين من يراها وتقنعه برساتها التي تتبناها في التلفاز اثبتت حضوراً ملفتاً في جميع مشاركاتها .. كيف لا وهي المهمومة بالبحث الدائم عن الجديد واكملت دراستها الاكاديمية حباً منها بالغور بعالم الفن الجميل والإبتكار ..
انها الفنانة الدكتورة ( آلاء نجم ) ها مجلة البصرة الثقافية / في البصرة
وكان هذا الحوار ..

* قدمتي العديد من الشخصيات واثبتي حضوراً ملفتاً ، بتقديرك بأي منها كانت الانطلاقة ؟
_ للفنان هناك اكثر من انطلاقة، البداية كانت في معهد الفنون الجميلة حيث مثلت باعمال مسرحية طلابية منحتني الثقة والدعم وصقلت موهبتي في فن التمثيل، ثم جاء دور كلية الفنون الجميلة وهنا لا اقارن بين المعهد والكلية بل استعرض مراحل الدراسة والعمل على الارتقاء بنفسي فنيا وثقافيا، بعيدا عن الاحتراف، وانا لا تهمني مسالة الاحتراف اذ ابقى اتعلم واطور مهاراتي الادائية، وهذا ما برهنت عليه اعمالي في الفرقة الوطنية للتمثيل وهي كثيرة ولا استطيع ان افضل عمل على آخر..مع كل عمل هناك بداية واعتبر هذا العمل هو بدايتي دون ان اهمل الماضي..استطيع القول ان آخر بداياتي كانت في مسرحية الجدار التي اعتبرها واحدة من الاعمال المتطورة في المسرح العراقي حتى الان.
* ما مدى تأثير المخرج في استلهام الممثل لتقديم مكنون الشخصية ؟
_ المخرج محلل، مفسر للنص المسرحي وتأثيره هو خلق اجواء من التفاعل داخل المختبر المسرحي وبواسطة السجالات والنتائج التي يتوصل اليها كل من المخرج والممثل وتصاعد الفهم الحقيقي للنص يتطور العمل..ليست من مهمة المخرج تعليم الممثل كيف يمثل وكيف ينطق وكيف يؤديويظهر مشاعره، هذه مهمة الممثل وعلى المخرج ان يكتشف نقاط تالق اداء الممثل فهو مفسر للنص وليس معلم للتمثيل.
* المسرح ، السينما ، التلفزيون . ايهما الاقرب اليك ؟ ولماذا ؟
_ كلهم..المسرح هو البيت الاول، المعلم الاول، الاكتشاف الاول، والسينما هي الانطلاقة نحو فضاء اوسع والتلفزيون يجعلني اشعر باني اجلس واتحرك مع كل المشاهدين في بيوتهم واتحدث معهم، تبقى هناك فروق ادائية مهنية مهمة، وهذا معروف فالاداء على خشبة المسرح وامام الجمهور هو الاكثر صعوبة وتشويق بالنسبة لي كممثلة.

*الدكتوراه .. ماذا اضافة لك ؟
_ معرفة اضافية ، علم تحليل واستكشاف فلسفة المعارف ، تشريح المفاهيم والبحث في الاصول وتفكيكها ثم اعادة بنائها حسب طرق علمية دقيقة لاستيعابها.. في الغرب يقولون ان اهمية الدراسات العليا هو ليس اللقب بل ان تضيف معرفة جديدة للإنسانية، وانا لم افكر باللقب ابداً بل المزيد من المعرفة والثقافة والرصينة.
* ( كمامات وطن ) ماذا تعني لك ؟
_عمل درامي يناقش هموم اناس والوطن باسلوب شعبي راقي ويصل الى المتلقي دون لف ودوران او استلاب للمشاعر، عمل ينبه المشاهد الى نقاط قريبة منه لكنه بحاجة الى اضاءة كي يكتشفها، احببت مشاركتي في كمامات وطن واعتقد الناس احبتها ايضاً.
*ما الذي يغريك بقبول الشخصية المسندة اليك ؟
_ ان اقتنع بها، ان تكون جديدة بالنسبة لي، ان تشكل اكتشاف آخر، ان اقطع خلالها مسافات إلى الأمام، ان اتمتع بأدائها ، الكاتب والمخرج المسرحي الالماني ( بروتولد بريخت ) يقول (( الفن متعة )) والمتعة هنا لا تعني كوميديا او استرخاء بل ان يتمتع الممثل بأدائه للدور ومن ثم المتلقي .
* كيف تقيمين تجربتك في مسلسل ( الفندق ) ؟
_ مع كل دور جديد اكون سعيدة ، وفي الفندق اديت دور لم العبه سابقاً وهذا يمنحني لاكتشاف طاقتي الأدائية .. انا لا احب ان اكرر ادواري لا احب النمطية في الدور والاداء ، ويبقى التقييم للجمهور .
* ما هو رأيك في واقع الدراما العراقية في الخمس سنوات الأخيرة ؟
_ الدراما العراقية مرت بظروف عصيبة للغاية ، حروب وتنظيم داعش الارهابي وظروف اقتصادية صعبة ، وغياب دعم المؤسسات الأهلية والحكومية ، في العالم كله هناك شركات ورؤوس أموال تستثمر في الدراما التلفزيونية والسينما مثلما تستثمر في صناعة السيارات ، الفن صناعة راقية ، لكن رؤوس الأموال العراقية تفضل الاستثمار السهل في التجارة او العقارات وتخشى الاستثمار بالفن .. لكن الحكومة وبدعم مباشر من رئيس الوزراء ( محمد شياع السوداني ) ، انتبهت وبذكاء لدعم الدراما والمسرح والسينما ولكن هذا لا يكفي الدراما تحتاج دعم شركات وبنوك حتى تتطور وتتنافس ، ان المنح يجب ان لا تظلم احداً والابتعاد فيها عن المحسوبية والمنسوبية وان يكون فيها التوزيع عادلاً كون ان كثير من الفنانين انظلموا في توزيع الأدوار وفي الأجور ايضاً وخصوصاً النساء اذ ظهرت أكثر من فنانة تشكي مظلوميتها في هذا الجانب .
* كيف هي علاقتك بالقراءة والكتاب الورقي في ظل الاجتياح الالكتروني ؟
_ سوف تستغرب اذا اخبرتك بان علاقتي حتى اليوم مع الحاسوب او الكمبيوتر ضعيفة ، وانا ما زلت اكتب بواسطة القلم والورقة ، واسعد اوقاتي هي قراءة الكتب الورقية ، لمس الاوراق وتنفس رائحتها له سحر خاص علي ، حتى ان بعض الاصدقاء يستغربون باني اكتب اطروحة الدكتوراه بواسطة القلم والأوراق ثم انقلها الى الحاسوب ، ان الدراسة والفن جعلوني اتناول قراءة الكتب والدراسات والبحوث ، كما اني اقرأ الروايات والدراسات والشعر والسير الذاتية .

* متى تشعرين بالفرح ؟
_ افرح عندما ارى أي إنجاز فني ثقافي حقيقي احققه أو يحققه غيري من الأصدقاء والزملاء يسعدني جداً، عمل مسرحي أو تلفزيوني أو سينمائي عراقي مدهش يفرحني حتى لو لم اشارك به ، لوحة تشكيلية تفرحني ، عندما اجد الناس سعيدة اكو فرحانة.. انا شخص يحب الفرح بطبيعتي .
* وفق طبيعة المجتمع العراقي والعربي ، ايهما اكثر تأثيراً واقناعاً التراجيديا ام الكوميديا ؟
_ لكل فن عالمه الخاص، التراجيديا فن عميق وكذلك الكوميديا ، الشاعر الانجليزي ( ويليم شكسبير ) كتب اعظم التراجيديات وكذلك اعظم الأعمال الكوميدية ، لكن بحكم ان الشعب العراقي عاش ومنذ آلاف السنين مآسي الحروب والاقتتال يميل الى التراجيديا والبكاء ، حتى بات ان المطرب الذي يبكي جمهوره هو المفضل ، لكنني الاحظ ان هذا الاتجاه نحو الأعمال البكائية بدأ ينحسر وتحل مكانه الأعمال الكوميدية المفرحة .
* كيف تتعاملين مع النقد والانتقاد ؟
_ ماذا يعني النقد والانتقاد ؟ اذا كنت تعني ان النقد هو النقد الموضوعي الجاد والمستند على نظريات وحقائق وتحليل دقيق للعمل فانا ابحث عن اي نقد لأعمالي وأدائي ، مع اننا نفتقر للنقاد المسرحيين الجادين او الأكاديميين ونقرأ انطباعات شخصية يكتبها اشخاص يسمون انفسهم نقاد.. واذا تقصد بالانتقاد هي التقليل من العمل او من شخص الممثلة او الممثل فانا ضد هذا النوع من الانتقاد .
* الشهرة .. ماذا اخذت منك وماذا اهدتك ؟
_ لم تاخذ مني الكثير، انا اجتماعية واحب الناس والتقي بهم واكون سعيدة بوجودهم حولي واشعر بقربهم مني ، الشهرة اهدتني محبة الجمهور بتلقائية عالية .

* هل تجدين بأن للفن له دوراً في تغيير المجتمع ؟
_ بالتأكيد الفن يجب ان يرتقي بالمجتمع والا فلا معنى لوجوده ..الفن ، ولا اعني هنا التمثيل او المسرح والسينما والتلفزيون فحسب بل الفنون التشكيلية والموسيقى والغناء كلها ادوات نبيلة لتغيير المجتمع نحو الافضل .
* كيف تقييمين حضور الممثلة العراقية في الساحة العربية مقارنة مع نظيراتها العربيات ؟
_ هذا السؤال مطلق .. خلال مشاركة المسرحيات العراقية في المهرجانات العربية تتميز الممثلة العراقية وكذلك الممثل العراقي ويحوزون على الجوائز الرفيعة ، والأمر ينطبق على السينما العراقية ، مع قلة الافلام المنتجة ، تفوز بجوائز عربية وعالمية ، وكان فيلم ” كعكة الرئيس ” للمخرج ( حسن هادي ) قد فاز بجائزتين بمهرجان كان الأخير.. اما اذا تسأل عن مشاركاتها وشهرتها عربياً فهذا ظلم للممثلة العراقية لأنه لم تتوفر لها فرص العمل والإنتاج الواسع محلياً لتشتهر عربياً ، سابقاً كانت المسلسلات العراقية تعرض في دول الخليج العربي وتنافس الأعمال السورية ، وما يزال الجمهور الخليجي والأردني يحفظ اسماء ممثلات عراقيات بارزات مثل ( سناء عبد الرحمن وشذى سالم وهند كامل وآسيا كمال) ..اليوم لا توجد أعمال عراقية منافسة عربياً.. من ناحية اخرى ان سمعة الممثلة العراقية ابداعياً والتزاماً متفوقة في العالم العربي بحيث تطلبها مهرجانات مسرحية وأعمال درامية .
*هل رفضت ادواراً معينة ، وكيف تنتقين ادوارك في المسرح على وجه الخصوص ؟
_ نعم وبالتأكيد.. رفضت اعمالاً كثيرةً ، انا انتقائية جداً واختار الأدوار المسرحية التي تضيف لي وأستطيع من خلالها ان أجسد الأدوار المتميزة ولا أحب الأعمال السهلة ، خاصة واني بنت المسرح وارتباطي عميق بالمسرح العراقي .
*هل حققت طموحك الفني ؟
_ لا .. بالتأكيد لا.. طموحاتي الفنية كبيرة وعميقة وكل يوم تزداد وتتغير نحو الأفضل .. عندما اشعر باني حققت طموحاتي الفنية سأنتهي واتوقف عن العمل .
* التمثيل ماذا يمثل لك ؟
_ التمثيل وجود ، حياة كاملة ، اكتشاف عوالم مدهشة .
* كلمة أخيرة ؟
_ شكر موصول بمحبة كبيرة لمجلة البصرة الثقافية وشكراً لرئيس التحرير أحمد طه حاجو لتسليط الضوء والمثابرة والاهتمام .