م.م. حمزه الغرباوي

إن تعريف ( الهبة )في مفهومها العام والدارج هو ما يتم منحه للشخص دون مقابل، والموهبة هي هبة فطرية تولد وتتشكل داخل الإنسان، ويشع ضياؤها شيئًا فشيئًا، لترسم ملامحها وتنضج أدواتها بالصقل، والممارسة، والاستمرار، والوعي المستمر في الحفاظ على هذا الكنز الثمين والإرث الكبير، ومن الملاحظ دائمًا أن الإنسان الموهوب لا يحتاج إلا إلى بعض الإشارات والدلالات لتُثبت أنه صاحب موهبة،فهو يحتاج فقط إلى تنمية، ودراسة، واستخلاص ما يمكن استخلاصه من الإبداع الذي يحيط بتلك الهبة التي وهبها الله له، وخصَّه بها دون غيره من البشر ،ويجب التفريق جيدًا بين الإنسان الموهوب والإنسان الموهوم، فهذا التفريق خطير للغاية، وينبغي الإشارة إليه بوضوح، حتى لا تضيع الحقوق، ويختلط الخيط الأبيض بالأسود، وتضيع الحقيقة، ويظن الجميع أن هؤلاء هم أصحاب مواهب أصيلة، وعملة نادرة لا يمكن الاستغناء عنها.


*الموهوبون عند التأمل في أبرز الصفات التي يتمتع بها الموهوبون في مجالات فنية مختلفة متعددة كالرسم، والنحت، والتمثيل، والإخراج، والموسيقى، والتأليف، والنقد ، نلاحظ أنهم أصحاب ملامح وفكر وطرق مختلفة في التعامل، تؤكد أحقيتهم بالموهبة التي يحملونها. فهم لا يتحدثون كثيرًا عن أنفسهم، ولا يسوقون لأعمالهم بأسلوب التوسل أو الشكوى، ولا يُحمّلون الآخرين مسؤولية ما يواجهونه من مطبات وصعاب. يعملون في صمت عجيب، وأعمالهم هي من تتحدث عنهم، لا يحبذون الدخول في نقاشات عقيمة مع من لا يفهمهم أو لا يقدر مواهبهم، يعيشون في عزلة نسبية، غارقين في تنمية مهاراتهم وصقلها، والبحث عن أي معلومة تغذي عقولهم وقدراتهم الفذة.
هم لا ينتقدون أعمال الآخرين بشدة، وإنما يكتفون بالتنويه بما يعرفونه. يجربون كثيرًا ويعملون كثيرًا، دائمًا ما تكون نتاجاتهم راسخة في الذهن والخيال، ولهم أعداء، غالبًا ما يُطلق عليهم اسم (الموهومين).
*الموهومون هم أعداء (الموهوبين) سرًا وعلانية، يكيدون المكائد لهم ويتصيّدون في الماء العكر من اجلهم، يبدأ عملهم من هنا، ثم ينتقلون إلى مرحلة (التسلق والقفز) فوق رؤوس الموهوبين، يصنعون لأنفسهم دعايات عادية وقصيرة الأمد، ويتبجّحون بالإبداع والمضي قدمًا نحو تحقيق الأهداف، إلا أنهم ضائعون لا يعرفون من أين الطريق، ولا كيف الوصول، ولا متى، غارقون في وهمٍ قديم، مطليٍّ بالفشل والزيف، وهو العنوان الأبرز لمعادنهم وتعاملاتهم الإنسانية. يسرقون الفكرة والتأليف، ويحاولون إثبات أنهم ممثلون خارقون أو مخرجون عباقرة. يبحثون في نتاجات الموهوبين السابقة ويستقون منها، ثم ينسبونها لأنفسهم. مجاملون، واهمون، مختبئون خلف أسماء وشعارات براقة، لا صلة لها بأعمالهم الخاوية.
هذا النوع من “الموهومين هو من يتصدر المشهد اليوم، ويتبوأ المناصب، ويتفاخر بكل شيء إلا أنفسهم، لأنهم فارغو المحتوى، وفاقدو القدرة على صناعة إنجاز يُحسب لهم .

التصنيفات: أخبارمقالات